رشا عبده… قائدة إنجازات الفحيص وصانعة الحلم الأردني في كرة السلة النسوية

عمان - في كل مرة ترفع فيها الكؤوس وتُعزف الأهازيج في المدرجات، تقف لاعبة المنتخب الوطني للسيدات وقائدة فريق نادي شباب الفحيص رشا عبده، شامخة تحمل الكأس بيديها، لتحمل معها تاريخا من الإصرار في قلبها، وتثبت أن التتويج بلقب بطولة الأندية العربية للسيدات في مرتين متتاليتين ليس صدفة، بل ثمرة جهد وثقافة فريق، وإيمان لا يهتز.
هذا العام، كان للقب العربي مع شباب الفحيص طعم مختلف في المدينة المنورة بضيافة نادي العلا السعودي، فبعد سلسلة طويلة من التحديات، استطاع فريق الفحيص بقيادة رشا عبده أن يحافظ على مستواه، ليثبت أن الإنجاز الحقيقي لا يولد بسهولة، بل من الإصرار على النجاح رغم الصعوبات، حيث تقول رشا عبده في أولى حلقاتنا (حكاية سلوية): "هذا اللقب كان له طعم خاص، لأنه جاء بعد تعب طويل، وأثبتنا أننا لا نربح بالصدفة، بل بالاستحقاق".
وتتذكر رشا أجمل لحظاتها في البطولة عندما أطلقت صافرة النهاية في المباراة النهائية، لتغمر الفرحة وجوه اللاعبات والجهاز الفني والجمهور، بقولها: "في تلك اللحظة، شعرت أن كل تعبنا ما راح هدر… لقد كانت لحظة انتصار للروح والعزيمة".
كقائدة، تعرف رشا أن القيادة ليست كلمات، بل أفعال تُلهم. فهي تحافظ على روح الفريق بهدوئها وثقتها، وتذكر زميلاتها دائما أن كل نقطة قادرة على تغيير مجرى المباراة. وتؤمن أن الإيمان بالنفس وبالفريق هو سر القوة.
ورغم الضغط الذي تحمله بمسؤولية، ترى رشا بذلك دافعا، مشيرة: "الضغط موجود، لكن بالنسبة لي هو محفّز. كل مرة أعود فيها للملعب، أشعر انه يجب أن أكون بمستو أفضل ليس فقط لنفسي، لكن لكل بنت ترى في رشا عبده مثالا يحتذى به".
وراء القائدة في الملعب، امرأة متعددة الأدوار: لاعبة محترفة، عاملة، وأم. ورغم صعوبة الموازنة، فإنها تنجح بفضل التنظيم والدعم العائلي. وتقول بابتسامة: "الوقت موجود إذا كانت النية والإرادة موجودة."
لكن الأمومة لم تكن دائما سهلة مع الاحتراف. أصعب اللحظات كانت عند السفر الطويل وترك بناتها، لكنها كانت تجد عزاءها بفكرة أن وجودها في الملعب هو رسالة لهن: "إن الأم قادرة تحقق أحلامها وما تتخلى عنها".
وخلف الكواليس، هناك من يصنع توازنها النفسي ويمنحها طاقة الاستمرار بدءاً من عائلتها، حيث تقول في هذا الصدد: "زوجي، بناتي، وأهلي هم الوقود الحقيقي لنجاحي. بدون دعمهم لم أكن لأصل إلى ما أنا عليه".
بالنسبة لرشا، البطولات ليست مجرد ألقاب، بل تتويج لرحلة من الشغف والالتزام. كل انتصار يحمل ذكرى تعبٍ وتحدٍ وصبرٍ طويل، ورسالة واضحة: "الاستمرار رغم الصعوبات يصنع نتائج عظيمة".
وفي حديثها إلى الفتيات الصغيرات اللواتي يحلمن بخوض غمار كرة السلة، ترسل رشا رسالتها المؤثرة:
"آمني بنفسك، واشتغلي على حلمك مهما كان صغير. لا تسمحي للخوف أو لكلام الناس بأن يوقفك، الطريق صعب، لكن الإنجاز يستحق عناء التعب".
أما عن طموحاتها القادمة، فتختتم بثقة القائدة:
"هدفنا أن نواصل الإنجازات، ونطوّر اللاعبات الصغيرات ليحملن الراية من بعدنا، واحلم بمشاهدة الأردن دائما في مقدمة المتوجين بألقاب البطولات العربية والآسيوية".
رشا عبده ليست مجرد قائدة فريق… إنها قصة امرأة أردنية آمنت بحلمها حتى صار واقعًا، وبفريقها حتى صار بطلًا. قصة تلهم كل فتاة أن الرياضة ليست مجرد منافسة، بل أسلوب حياة مليء بالشغف والإصرار والروح الرياضية العالية.